الاثنين، 5 ديسمبر 2016

الدرس الثالث: النظام الصوتي في اللغة العربيّة أ. العمري

اضغط هنا لتحميل الدرس الثا لث بصيغة  ب.د.ف 

مقدّمة:
اهتمّ العرب بالدراسة الصوتيّة باكرا وخاضوا في خصائص الحروف ومخارجها وأكثر ما جاء في كتبهم  يتعلّق بخصائص الحروف المفخّمة (ض، ص، ظ، ط) والحروف ذات المخرج الحلقيّ واللهويّ واهتمّوا بتقسيم المخارج وترتيبها في جهاز النطق (كتاب العين للخليل) وحدّدوا سمات الحروف (الشدّة الرخاوة الجهر...) وخاضوا في خصائصها الفرعيّة مثل التكرير والصفير... وقد قسّم العرب الأصوات عموما بالنظر إلى خصائصها إلى نوعين أساسيّين: حروف وحركات. ما هو مقياس تقسيم الأصوات إلى حروف وحركات؟
يخضع هذا التقسيم إلى مقياس قوامه وجود حواجز تعيق خروج الهواء عند مروره عبر جهاز النطق والتصويت (حروف) أو عدم وجود حواجز تعيق مرور الهواء (حركات).
عند إنجاز الحرف تحدث إعاقة جزئيّة عبر تضييق مجرى الهواء (ث، ش، ف...) أو إعاقة كلّية عبر حبس الهواء ثمّ إطلاقه (ب، ك، ل...).
عند إنجاز الحركة لا تحدث إعاقة لمرور الهواء لا جزئيّة ولا كلّيّة (ـــَـ ـَــا ــُـ ــُو...).
لقد خاض الدارسون في أصناف الحروف والحركات والمقاطع العربيّة باعتماد خصائصها المختلفة. فما هي أبرز المقاييس التي صنّفوا بها أنواع الحروف وأنواع الحركات والمقاطع؟
1 ـ الحروف وخصائصها النطقيّة:
الحروف العربيّة عددها تسعة وعشرون حرفا حسب الخليل، ونجد ضمنها أنواعا فرعيّة مثل حروف اللين (و، ي) أو حروف المدّ (ـا ، ـو، ـي) المتحقّقة في قولنا (ســا محـــو نـــي). وقد صنّفها العرب بذلك  ضمن الحروف لكنّنا نعتبرها اليوم حركات طويلة. وقد سمّى العرب الحروف صوامت (consonnes) أو سواكن لأنّهم نظروا لها مجرّدة عن الحركات ولذلك ينظرون إليها ساكنة عند دراسة خصائصها أو مخرجها عبر تصديرها بهمزة وتسكينها في مقطع قصير (أَبْ/أَمْ/أَكْ...).
وتخضع خصائص الحروف العربيّة إلى ثلاثة صفات أساسيّة اعتمادا على ثلاثة مقاييس:
ـ المقياس الأوّل مخرج الحرف: وهو النقطة التي ينطق فيها الحرف ضمن جهاز النطق (point d’articulation). وقد يكون هذا المخرج في الشفتين (ب) أو الحلق (ح) أو الأسنان (ث) أو غيرهم. وقد يتدخّل أكثر من مخرج في إنجاز الحرف مثل تدخّل الأسنان السفلى والشفة العليا في إنجاز حرف الفاء فيكون مخرجها أسناني شفوي.   
ـ المقياس الثاني درجة انفتاح الحرف: تتعلّق هذا المقياس بكيفيّة مرور الهواء من الرئة إلى خارج الفم عبر جهاز النطق. والمقصود بالانفتاح درجة انفتاح الفكّ الأسفل المتحرّك وابتعاده بمقدار عن الفكّ الأعلى الثابت مع وجود حواجز تساهم في حبس الهواء ومنعه من المرور بشكل جزئيّ أو كلّيّ مثل تدخّل اللسان في حبس الهواء عند إنجاز حرف التاء وتدخّل الحنك الرخو في حبس الهواء عند إنجاز الكاف أو القاف. وهذه الدرجات المتفاوتة في الانفتاح في الحروف يقابلها انفتاح كامل في الحركات دون أيّ حبس للهواء.
ـ المقياس الثالث نمط التصويت: هذا المقياس متعلّق بالأوتار الصوتيّة في الحنجرة. ونلاحظ مثلا حدوث نزيز في الأوتار عند مرور الهواء (الجهر) عند إنجاز حرف الذال و في المقابل يحدث مرور الهواء دون أيّ نزيز للأوتار الصوتيّة (الهمس) عند إنجاز الثاء مثلا. ويمكننا قياس هذه الصفة في كامل الحروف من خلال وضع الأصابع على تفاحة آدم في العنق عند إنجاز الحرف فنشعر بوجود نزيز في الأوتار الصوتيّة أولا نشعر بوجوده.
Iـ مخارج الحروف:
 قسّم العرب مخارج الحروف ورتّبوها في جهاز النطق بحسب موضع نطق كلّ حرف. وجعلوا المخارج المتقاربة ضمن حيّز واحد. وقد جعل علماء التجويد هذه المخارج موزّعة على سبعة عشر مخرجا انطلاقا من أقصى الحلق وصولا إلى الشفتين. ولا نجد في ذلك اختلافا كبيرا عن الدراسة الصوتيّة الحديثة إلا في دقائق صغيرة بسبب اعتمادنا اليوم على آلات القياس المتطوّرة في المخابر الصوتيّة.
عموما يمكن جمع مخارج الحروف ضمن أربعة أحياز أساسيّة وهي: حيّز الشفتين ـ حيّز الأسنان ـ حيّز الحنك ـ حيّز الحلق. وضمن الحيّز الواحد نجد أكثر من مخرج وقد تتوسّط بعض مخارج الحروف بين حيّزين كما رأينا في الفاء (شفوي أسناني).
1 ـ حيّز الشفتين:  قال سيبويه في كتابه " وممّا بين الشفتين مخرج الباء والميم والواو".
أ ـ الحروف الشفويّة: أو مخرج الشفتين (ب، م،  و) ضمّ الشفتين معا
ـ (ب) ضمّ الشفتين معا وإطباقهما والخلوّ من سمة الأنفيّة فلا يمرّ الهواء من التجويف الأنفي (الخياشيم)
ـ (م) إطباق الشفتين من داخل الفم وهو يختلف عن الباء في وجود سمة الأنفيّة.
ـ (و) استدارة الشفتين عند النطق بالحرف.
ب ـ المخرج الشفوي الأسناني: الحرف الشفويّ الأسنانيّ (ف).
ـ (ف) إطباق باطن الشفة السفلى وأطراف الثنايا العليا.
ـ نلاحظ أنّ هذا الحرف مشترك بين حيّزين لكنّنا ننسبه إلى حيّز الشفتين.
2 ـ حيّز الأسنان: نلاحظ أنّ فيه خمسة مخارج يتوزّع فيها موضع نطق الحرف الأسنانيّ حسب الترتيب التالي: 1ـ ما بين الأسنانالأسنان العليا 3ـ اللثّة 4 ـ مغارز الأسنان  5ـ التقاء أسلة اللسان (طرفه) باللثة (لحم أصول الأسنان).
أ ـ ما بين الأسنان: (ث، ذ، ظ)
ـ وضع اللسان ما بين الأسنان العليا والسفلى.
ـ الفرق بين (ث) و(ذ، ظ) في وجود سمة الجهر.
ـ الفرق بين (ذ) و(ظ) في وجود سمة التفخيم
ـ يمكن إضافة الضاد التونسيّة لأنّها تنطق متطابقة مع الظاء. لكنّها في نطقها الأصليّ عند العرب تُدرج ضمن مخرج الطاء عند التقاء الأسنان باللثّة.
ب ـ المخرج الأسناني:( ت ، د)
ـ  وضع طرف اللسان على الأسنان العليا وملامسة أصولها (آخر السنّ قبل التقاء السنّ باللحم)
ـ ينجزان في نفس المخرج بدون أيّ فارق في المخرج ووضع اللسان.
داخل الفم:  ابتداء اللحم من الحنك الصلب (الأدنى)
الأسنان
X
X
X
ـ ما يخلق الفرق بينهما هو وجود سمة الجهر في الدال فيصاحب الدال نزيز الأوتار الصوتيّة.
    ج ـ المخرج الأسناني اللثّويّ: (ط، ض)
     ـ وضع طرف اللسان على أصول الأسنان العليا وملامسة مقدّمة اللثة (اللحم الملاصق للسنّ موضع التقاء السنّ باللحم).
    ـ تتحقّق في الطاء والضاد سمة التفخيم
   د ـ المخرج اللثويّ المغارزي: (س، ص، ز)
ـ هذا الموضع متأخّر قليلا عن السابق فلا يلامس طرف اللسان الأسنانَ بل اللحم الذي فيه منبت أصول الأسنان (ويسمّى المغارز). أو هو الموضع الذي يلي اللثّة (وهي نقطة التماسّ بين اللحم وأصول الأسنان.
داخل الفم:  ابتداء اللحم من الحنك الصلب (الأدنى)
X     X    X     X
الأسنان



ـ نلاحظ أنّ الصاد تختلف عن السين في سمة التفخيم وكلاهما مهموس.
ـ نلاحظ أنّ الزاي تختلف عنهما في سمة الجهر.
   هـ ـ المخرج اللثويّ الأسليّ: (ل، ن، ر)
 ـ هو موضع التقاء أسلة اللسان باللثة، حيث يتأخّر اللسان إلى أدنى الحنك (الصلب) وتلامس أسلة اللسان (طرف اللسان) موضع المغارز (منبت الأسنان من اللحم).
ـ (ن) يتميّز بسمة الأنفيّة (تشترك في ذلك مع الميم) فهي حرف خيشوميّ.
ـ عند تجويد القرآن قد تضعف سمة الأنفيّة  في النون (تُسمّى في علم التجويد الغنّة). فإذا كانت ساكنة وبعدها بعض الحروف في مثل (منْ كان) فيقع التخلّي عن الغنّة (الأنفيّة) عبر الإخفاء. والإخفاء يشبه الاكتفاء بنطق نصف الحرف وإخفاء بقيّته عبر المرور مباشرة إلى الحرف الذي يليه فكأنّ نطقها خفيّ.
ـ (ل) تحدث اللام عند التصاق أسلة اللسان باللثّة وسدّ مخرج الهواء (انحباس) مع خروج الهواء من جانبي اللسان من جهة الأضراس وتُسمّى هذه السمة الانحراف ويُعتبر حرف اللام بهذه السمة حرفا جانبيّا (سمة الجانبيّة/الانحراف).
ـ نجد في اللام في نفس الوقت حبسا للهواء من جهة اللسان واحتكاكا للهواء بالمخرج من جهة طرفي اللسان ولذلك تُصنّف اللام بين الانحباس والاحتكاك و في الأغلب تُعتبر احتكاكيّة لغلبة سمة الجانبيّة أو الانحراف فيها.
ـ يُعتبر اللام حرفا مجهورا وإن عُدَّ بين الجهر والهمس.
ـ اللام حرف مرقَّق في الأصل (لِلَّهِ/ بلال/لون). لكنّها في لفظ الجلالة تُفخّم إذا سُبقت بفتح أو ضمّ (هو الله/عبدُ الله).
ـ (ر) تُنطق الراء العربيّة من خلال قرع اللثة بواسطة طرف اللسان مع نزيز الأوتار الصوتيّة (جهر).
ـ قد تقع المبالغة في إلصاق طرف اللسان باللثة فيحدث التكرير وهو تكرّر عدد قرعات اللسان للثّة في شكل تكرير أو هو ارتعاد طرف اللسان وكأنّنا نكرّر إنجاز الراء عدّة مرّات (سمة التكرير) فتكون بذلك بين الجهر والهمس. ويمكن أن نتبيّن هذه الميزة عند تسكين الراء فيزيدها الوقف وضوحا: (وَحَمَلْنَاهُ عَلَى ذَاتِ أَلْوَاحٍ وَدُسُرْ (13) تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا جَزَاءً لِمَنْ كَانَ كُفِرْ ـ النجم 10/11).
ـ الراء تفخّم إذا كانت مفتوحة أو مضمومة (رَحيم/رُوح)  وترقّق عند الكسر (رِجس). وإذا كانت ساكنة فإنّها تتبع ما قبلها في الترقيق والتفخيم (مِرآة/مَرأة/مُرّ).
ـ الراء التونسيّة تنجز بقرعة واحدة دون تكرير وتميل إلى التفخيم.
3 ـ حيّز الحنك
أ ـ المخرج الحنكي اللثويّ: (ش، ج)
ـ هناك صعوبة في الفصل بين موضع الحنك الصلب وموضع اللثة عند إنجاز هذين الحرفين، فهما ينطقان بالاعتماد على الموضعين في نفس الوقت.
- (ج) وضع اللسان على أدنى الحنك القريب من اللثّة مع احتكاك الهواء بهذا الموضع ويصاحب ذلك نزيز الأوتار الصوتيّة (جهر).
ـ في الجيم طرق مختلفة في النطق )تختلف بين القدامى والمحدثين أو بين المغاربة والمشارقة أو بين مختلف اللهجات في البلد العربيّ الواحد( فتنطق مثلا بإضافة سمة الانحباس في بعض لهجات جنوب تونس (دْجَ) أو في حواضر مصر(ق).
ـ (ش) وضع اللسان على أدنى الحنك (الصلب) في الموضع القريب من اللثّة وهو نفس موضع الجيم.
ـ تختلق الشين عن الجيم في الهمس.
ب ـ المخرج الحنكيّ: (ي).
(ي) وضع وسط اللسان على الحنك الأعلى مع وجود درجة انفتاح كبيرة بين الفكّين تقارب حركة الكسرة.
 ـ نلاحظ أنّ درجة ارتفاع اللسان في إنجاز الياء قريبة جدّا من درجة ارتفاعه عند إنجاز الكسرة.
ـ يرتبط إنجاز الياء بنزيز الأوتار الصوتيّة (جهر)
ج ـ المخرج الغشائيّ: (ك)
ـ موضع نطق الكاف هو الغشاء وهو الموجود في الحنك الرخو (الأقصى) حيث يغلق اللسان الهواء عبر الالتصاق بالحنك الصلب ويتأخّر الغشاء فيلامس جدار الحلق. ثمّ يطلق الهواء بشكل انفجاري (انحباسي)
ـ لا تتأثّر الأوتار الصوتيّة عند إنجاز الكاف فهو حرف مهموس.
د ـ المخرج اللهويّ: (ق، خ، غ)
ـ موضع نطقها هو اللهاة.
ـ القاف تختلف عن الكاف في ملامسة ظهر اللسان اللهاة وتشترك معها في الهمس,
ـ الغين تختلف في فتح موضع الملامسة مع اللهاة فتحا بسيطا مع وجود نزيز الأوتار الصوتيّة (الجهر).
ـ تتقابل الغين والخاء تباعا في خاصّية الجهر والهمس.
4 ـ حيّز الحلق:
أ ـ مخرج أدنى الحلق (ح، ع) 
ـ لهما نفس المخرج: رجوع اللسان أفقيّا إلى الخلف مع انفتاح الفكّ الأسفل وفي منطقة التقاء الحنجرة والحلق يحدث انقباض مع تقدّم لسان المزمار. ويحدث الاحتكاك عند التضييق بين الجدار الخلفي للحلق وجذع اللسان.
ـ العين تتميّز بنزيز الأوتار الصوتيّة (مجهورة)
ب ـ مخرج أقصى الحلق: (الحنجرة)  (هـ ، ء)
هما آخر الحروف وأقربا إلى الحنجرة والهمزة هي الأقصى.
ـ (هـ) فتح جهاز التصويت فهي تقترب جدّا من درجة انفتاح الحركات (حرف هوائيّ)
ـ تحدث بإصدار نفس من الرئتين يخترق المجرى الصوتيّ إلى الشفتين ويكون اللسان محايدا ولذلك تُعتبر الهاء حرفا حنجريّا.
ـ قد يتأثّر عند النطق بالأصوات المجاورة له في خاصّيّة الجهر.
ـ (ء) الهمزة حرف شديد عدّه النحاة مجهورا وهو اليوم يعتبر حرفا مهموسا.
ـ يحدث ضغط وهمز عنيف في المزمار (الهمز يعني الضغط لغة)
ـ يتأخّر اللسان في مستوى المزمار ويتقدّم أسفل الجدار الخلفيّ للحلق ويرتفع لسان لسان المزمار وينغلق الفكّ الأسفل ودون حدوث الجهر (نزيز الأوتار) يحدث حبس للهواء ثمّ انفجار (حرف انحباسيّ)
II ـ درجة الانفتاح:
المقياس هو درجة انفتاح الفكّ الأسفل المتحرّك عن الفّك الأعلى الثابت وسدّ الهواء جزئيّا أو كلّيا عن الخروج من المجرى الصوتيّ.
1ـ الحروف الانحباسيّة:
سدّ كامل وغلق للهواء فيسمّى الحرف بهذه الألقاب التي تعود على نفس الشيء (انحباسيّ/ وقفي/انسداديّ/شديد/غلقيّ) ثمّ بعد ذلك إطلاق الهواء (انفجاريّ). وهذه الحروف هي (ب، ت ، د ، ط ، ك، ق،ء) ويمكن جمعها في الجملة التالية: "دأبك تكبتُ قطّا حبسا".
نختار مصطلح "الحرف الانحباسيّ". وهو يعبّر عن تلازم ظاهرتين عند خروج الهواء (حبس+انفجار)
ـ حبس الهواء هو التصاق أعضاء النطق بعض الوقت لسدّ مرور الهواء من الرئتين إلى خارج جهاز النطق عبر المجرى الصوتيّ
ـ خفض الحاجز سريعا بعد ذلك فينطلق الهواء في شكل انفجار بسبب ارتفاع ضغط الهواء في منطقة ما وراء موضع الحاجز. هذا التلازم بين الحبس والانفجار قد يحدث في المواضع التالية من جهاز النطق:
 الشفتان (ب) /طرف اللسان مع الأسنان أو اللثة (ت،د ، ط) /رفع اللسان نحو الحنك (ك) /رفع اللسان نحو اللهاة(ق)/ شدّ المزمار شدّا عنيفا (ء).
2 ـ الحروف الاحتكاكيّة:
هي الحروف التي تحدث من خلال تضييق مجرى الهواء في مخرج محدّد دون غلقه أو حبس الهواء تماما فيحدث احتكاك الهواء مع ذل الموضع الضيّق فينطق الحرف. ويمكّن التضييق من التحكّم في مقدار خروج الهواء واستمرار انسيابه دون حبس وانفجار. (س، ص)
والتحكّم في مقدار الهواء في المجرى الفمويّ ينجرّ عنه تفخيم أو ترقيق مع احتكاك. والحروف الاحتكاكيّة هي:
ف ـ ث ـ ذ ـ ظ ـ س ـ ص ـ ز ـش ـ ح ـ خ ـ غ ـ ج ـ ع
راجع مخارج الحروف لتلاحظ وجود احتكاك في موضع خروج الصوت بين المخرج والهواء
قد تجمع بعض الحروف بين الصفتين الاحتكاكيّة والانحباسيّة كما رأينا في الراء وكما يحدث في الانجليزيّة والإيطاليّة:
ج [دج]
3 ـ سمات ثانويّة مصاحبة لدرجة الانفتاح:
لو عدنا إلى الملاحظات السابقة لمخارج الحروف ودرجة انفتاح الفكّ السفلي عن الفكّ الأعلى لوجدنا مصطلحات تتكرّر مثل (الأنفيّة الجانبيّة التكرير التفخيم) وهي تعود على سمات ثانويّة تصاحب درجة الانفتاح، وطريقة النطق عند المخرج فتؤثر في الصوت وتميّز بعض الحروف:
ـ الأنفيّة: (nasalité) مرور الهواء بالمجرى الأنفي عبر الخياشيم (التجويف الأنفي) ونسمّيها الغنّة (م، ن).
ـ الجانبيّة: (latéralité) ويسمّى الحرف انحرافيّا وهو في العربيّة الام عند انطباق اللسان على سقف الحنك ومرور الهواء من الجانبين أو من أحدهما فيسبّب ذلك احتكاكا جانبيّا
ـ التكرير (vibration) يتحقّق أحيانا في بعض طرق نطق الراء وهو يتعلّق بغلق مكرّر لمجرى الهواء ناتج عن تذبذب طرف اللسان وقد ينطق الراء بغلق واحد دون تكرير.
بعض الصوتيين يجعلون التكرير والجانبيّة ضمن صنف الحروف المائعة لشبهها بالحركة من حهة شدّة الانفتاح ودرجة الجهر.
هناك ظواهر أخرى منها الهتّة والتحكيك
ـ التفخيم: سمة تصاحب المخرج الأسناني وهي توجد في اللغات الساميّة وتتعلّق أساسا بـ (ظ ، ط، ض، ص)
;عكس هذه السمة هو الترقيق. والتفخيم هو سحب جذر اللسان نحو الجدار الخلفي للحلق لإحداث تضييق في خروج الهواء من الحلق. وقد يصيب التفخيم نطق بعض الحروف بصفة عرضيّة خاص|ة في لفظ الجلالة (الله: اللام مفخّمة / بالله: مرقّقة).
III ـ نمط التصويت: (نزيز الحبال الصوتيّة)
هناك نغمة حنجريّة تحدث بسبب نزيز الأوتار الصوتيّة عند النطق بالحروف المجهورة. ويمكن إدراكها بوضع الإصبع على تفاحة آدم. وقد يشترك حرفان في كلّ الخصائص الصوتيّة ولا نميّز بينهما إلا بهذا المقياس. فمثلا لافرق بين الدال والتاء إلا في هذا المقياس: الدال : وجود النزيز= مجهور  /   التاء: انعدام النزيز= مهموس
يمكن للصوت أن يتحوّل من الجهر إلى الهمس أو العكس في بعض الكلمات. ولا يكشف ذلك إلا تحليل الرسوم الطيفيّة:
ـ حروف الجهر: ب، م، و،ذ،ظ، د، ض،ز، ذ،ل، ر، ش، ج، ي،غ،ع

ـ حروف الهمس: ف، ت، ط، س، ص، ش، ك، ق، خ، ح، هـ ، ء (أقطّ حثّه شخص فسكت)
انظر تفصيل الحروف المجهورة والمهموسة وبقيّة الخصائص في الجدول الملخّص لخصائص الحروف حسب المقاييس الثلاثة.
2 ـ الحركات وخصائصها النطقيّة في اللغة العربيّة:
ـ الحركة تختلف عن الحرف في خاصّية أساسيّة وهي أنّ الهواء الخارج من الرئتين يمرّ بالمجرى الصوتيّ دون أن يعترضه حاجز في جهاز التصويت لكنّ اللسان والشفتين يحددان هيأة التجاويف فيتحكّمان في إنجاز الحركة.
ـ الحركات جميعها مجهورة إذ يحدث نزيز في الأوتار الصوتيّة عند مرور الهواء لكنّها تتفاوت في درجات الجهر: 1ـ  الفتح الأكثر جهرا  2ـ الكسر متوسّط في الجهر   3ـ الضمّ الأقلّ جهرا
ـ الحركة في الاستعمال دائما تقترن بالحرف ولذلك لا ندركها معزولة لأنها تمثّل مع الحرف مقطعا صوتيّا.
لكي ندرس خصائص الحركات ونصنّفها يمكن أن نعتمد على مقلييس عامّة وهي أساسا:
I ـ موضع اللسان في الفم أفقيّا (خلفيّ وأماميّ) وعموديّا (درجة الانفتاح).
II ـ حركة الشفتين الاستدارة أو انعدام الاستدارة.

I ـ المقياس الأوّل: موضع اللسان في الفم:
أ ـ موضع اللسان أفقيّا (موضع النطق)
حركة اللسان داخل الفم يمكن أن تكون على ثلاث هيئات:
حركة أماميّة: يجتمع اللسان في مقدم الفم إزاء الحنك وتسمّى حركة حنكيّة (الكسرة).
2ـ حركة خلفيّة أو غشائيّة: يجتمع اللسان في مؤخّر الفم إزاء الغشاء (الضمّة).
حركة متوسّطة لا خلفيّة ولا أماميّة بل في موضع وسط بينهما اي في وسط الحنك الصلب (الفتحة)
ب ـ موضع اللسان عموديّا (درجة الانفتاح بالنظر إلى الحنك)
اللسان لا يبلغ الدرجة الأعلى ملاصقة الحنك ولا الدرجة الأدنى (ملاصقة الفكّ السفلي) بل تتراوح حركته بين هاتين الدرجتين ولذل تسمّى حركته العموديّة درجة انفتاح. وكلّما ارتفع اللسان انغلق مجرى الهواء وضاق.
ـ الحركة المرتفعة  (ـــُ  ـــُـو، ـــــِ ـــِـي) المتحقّقة في قولنا (أجــيـــبــــوا). (منغلقة)
وكلما انخفض اللسان انفتح مجرى الهواء واتّسع:
ـ الحركة المنخفضة : (ـــــَ   ــــَـا)  (منفتحة)
نلاحظ إذن حسب موضع اللسان عموديّا وتاثيره في انفتاح مجرى الهواء:
انفتاح مجرى الهواء/ انخفاض اللسان :  الفتحة
انغلاق مجرى الهواء/ ارتفاع اللسان: الكسرة والضمة

II ـ المقياس الثاني حركة الشفتين:
الوضع العادي للشفتين هو الالتصاق بالأسنان لكن عند النطق بالحركات يتغيّر وضعها نظرا للمرونة التي يتّسمان بها فتنفرج الشفتان (=) أو تستديران (o):
ـ حركة مستديرة: استدارة الشفتين تمكن من نطق الضمّة ـُ   ـُو
ـ حركة منفرجة: انفراج الشفتين يمكّن من نطق الكسرة والفتحة: (ـَـ  ــِ)
نلاحظ أنّ للغشاء دورا في سدّ المجرى الفموي عند إنجاز الحركات العربيّة فهي حركات فمويّة وليست أنفيّة وفي بعض اللغات يتسرّب الهواء إلى المجرى الأنفي بسبب انفتاح الغشاء مثل الفرنسيّة (- fin   font).
يمكننا أن نلخّص جميع خصائص الحركات في الجدول التالي:

الحركة
موضع النطق
درجات الانفتاح
هيئة الشفتين
المجرى
الأوتار
أماميّة
وسطيّة
خلفيّة
منخفضة
مرتفعة
مستديرة
منفرجة
فموي
أنفي
الجهر
الفتحة
ـــ
+
ـــ
+
ـــ
ـــ
+
+
ـــ
+
الكسرة
+
ـــ
ـــ
ـــ
+
ـــ
+
+
ـــ
+
الضمّة
ـــ
ـــ
+
ـــ
+
+
ـــ
+
ـــ
+
جدول في تصنيف  الحركات العربيّة

III ـ أنصاف الحروف والحركات
ـ المدى هو زمن التلفّظ بالحركات. فمثلا في هذه الكلمات  (بـِ  / مــَا / آمـيــــن / ألم) توجد مقاطع، وهي مقاطع متفاوتة في المدى لأنّها تستغرق أزمنة متفاوتة في الإنجاز. وقد يكون المدى قصيرا مع حركة قصيرة  ــَـ ـُــ ــِـ  وقد يطول مدى الحركة بطول زمن التلفظ بالحركة الطويلة  ـَــا  ــُــو ــــِي (وهي حروف المدّ عند العرب قديما)
ـ من الناحية الصوتميّة (علم وظائف الأصوات) الحركة الطويلة متكوّنة من حركتين قصيرتين: (ــَ + ــَ) = ـَـا وهي ألف المدّ. فالحركة القصيرة هي نصف الحركة الطويلة من جهة المدى الزمني في الإنجاز.
ـ الحركة نمن الناحية الصوتميّة لها وظيفة تمييزيّة في الكلمة العربيّة وبسبب تغيير الحركة يتغيّر المعنى (قَاتِلٌ قَاتِلْ قَاتَلَ) فالحركة تتدخل في تحديد نوع الصيغة الاشتقاقيّة والتصريفيّة (فعل ماضٍ/ اسم فاعل/ فعل أمر) ولذلك فلها وظيفة دلاليّة تمييزيّة فهي ذات قيمة صوتميّة ( تذكّرْ: لقد عرّفنا الصوتم بأنّه وظيفة الصوت داخل نظام الكلمة وعرّفنا الصوتميّة بأنّها علم وظائف الأصوات).
ـ العرب اعتبروا الحركة بعض الحروف (حروف المدّ)  أي اعتبروا الحركة نصف الحرف (حرف المدّ)
   الحركة الطويلة:  ـــا =  ــَـ + ــَــ      أيْ    حرف اللين (ـــا ) = فتحة + فتحة
   الحركة الطويلة: ــــو =  ــُـ + ــُــ      أيْ    حرف اللين (ــو) = ضمّة + ضمّة
   الحركة الطويلة: ـــي =  ــِـ + ــِــ      أيْ    حرف اللين ( ــي) = كسرة + كسرة
ـ الفرق بين الحرف الصحيح وحرف المدّ عند العرب يعود إلى المدى. فالحركة الطويلة عندهم هي حرف مدّ وهو نصف حرف ولذلك نجد الحروف العربيّة عندهم 29 حرفا أي 26 حرفا صحيحا مع إضافة الحركات الطويلة أي  ألف المد وواو المد وياء المدّ (ــا  ـــو ـــي).
ـ هناك تجانس بين الحرف والحركة ولذلك عند التجاور نحصل على الحركة  الطويلة (ــَ + ــَ ← ــا) مثل (قـَــوَلَ)←  قــَـ Ø ـــَ لَ← قََالَ
ـ الحركات العربيّة تتقارب أحيانا وتتشابه عند الإنجاز خاصّة في بعض اللهجات وفي قراءات القرآن(لوحظ ذلك في القراءات القرآنيّة المنقولة رواية وسماعا مثل قراءة خلف):
ـ الإمالة: الفتحة تنحو نحو الكسرة (المي = الماء في اللهجة التونسيّة)
ـ الإشمام: نزوع الكسرة إلى الضمّة (كسرة + استدارة الشفتين) يُرى في حركة الشفتين ولا يسمع.
ـ الرَوْمُ: النطق بالحركة بصوت خفيّ: أي ذهاب معظم الحركة بسبب النطق بعضها فيغلب الصوت على الحركة (اختلاس الحركة وإخفاؤها وتخفيفها).
3 ـ مفهوم المقطع وخصائص ما فوق المقطعيّة:
المقطع هو وحدة أكبر من الحرف ومن الحركة لأنّه يعني اجتماع حرف وحركة أو أكثر وهو يختلف طولا وقصرا (أنواع المقاطع) وتصاحبه طريقة في الداء الصوتي مثل التنغيم أو النبر (الظواهر ما فوق المقطعيّة).           
 أ ـ أنواع المقاطع في العربيّة:
المقطع هو الوحدة الأساسيّة للكلام ولذلك نقسّم الكلمة إلى مقاطع صوتيّة بسبب تتابع الحرف الصامت والحركة الصائتة. وهو ينقسم إلى أنواع بحسب عدد ما فيه من الحروف أو الحركات القصيرة والطويلة (طويل/ قصير) وانتهائه بحرف (منغلق) أو انتهائه بحرف ( منفتح). ويمكن وضع مقياس لأنواع الحركات كالتالي:
المقطع القصير هو فقط اجتماع حرف مع حركة قصيرة.وهو أصغر مقطع ممكن.
المقطع الطويل هو ما خالف الحرف والحركة القصيرة (حرف/حركةطويلة ـ حرف/حركة قصيرة/حرف...).
المقطع المنفتح هو انتهى بحركة قصيرة أو طويلة.
المقطع المنغلق ما انتهى بحرف.
ولذلك نجد هذه الأنواع من المقاطع في العربيّة:
1 ـ مقطع منفتح قصير: بـِ / رَ / لـِ : [حرف + حركة قصيرة ](لـ +ــِـ)
2 ـ مقطع منغلق طويل: اَلـْـ / مَــنْ / قـَدْ : [حرف+ حركة قصيرة + حرف] (قـ + ـَـ + د)
3 ـ مقطع منفتح طويل: مــَا / يـَا / وَا : [حرف + حركة طويلة] (يـ + ـَــ)
4 ـ مقطع منغلق طويل الحركة: مِـيـنْ / لـُـونْ/ بـَانْ :[حرف + حركة طويلة + حرف] (بـ + ـَـا + ن)
5 ـ مقطع منغلق طويل وقفي: وَعْدْ / حرْبْ / جهْرْ : [حرف+حركة+حرف+حرف] (و+ــَــ+ع+د)

ب  ـ الظواهر ما فوق المقطعية:
المقصود بالظواهر ما فوق المقطعيّة ما يصاحب المقاطع من أداء صوتيّ من خلال انخفاض الصوت وارتفاعه او استواء مستوى الصوت على نفس الوتيرة. ويمكن أن نحصي ظاهرتين: النبر والتنغيم:
1ـ  التنغيم:
 لا يتعلّق الأمر بزيادة مقطع أو صوت بل بطريقة التصويت عبر رفع الصوت آخر الكلام أو خفضه أو الاستواء عل نفس الوتيرة في الأداء. ويصحب هذه الظاهرة ما فوق المقطعيّة إضافة معنى جديد للكلام أو تأكيده فمثلا يمكنك أن تنطق بالقول (هذا حوار وطني) بطرق مختلفة تفيد:(الإخبار/الاستفهام/ السخرية/التعجّب)
. ويمكن أن نتبيّن هذه الإضافات من خلال دلالة التنغيم في طريقة نطق هذا القول: (سيخبركَ بما رأيتُ)
ـ سيخبركَ بما رأيتُ. (تنغيم مستوِ  ـ إخبار بأمر)
ـ سيخبركَ بما رأيتُ  (تنغيم مرتفع ـ استفهام)
ـ سيخبركَ بما رأيتُ (تنغيم خافت جدّا ـ المقصود الكتمان والسرّ)
ـ سيخبركَ بما رأيتُ (تنغيم منخفض) ـ التعجّب
2 ـ النبر:
لم يدرسها العرب  وإن وجدت الظاهرة في كلامهم. والنبر هو ارتفاع الصوت فنجد مقطعا داخل الكلمة فيه تشديد (نبر كَلِمِيّ) أو نجد كلمة داخل القول في نطقها ارتفاع للصوت (نبر جُمَلِي). وقد كان المستشرقون أوّل من درس مواضع النبر في المقطع ضمن الكلمة الواحدة (نبر كَلِمِيّ) حسب بعض اللهجات العربيّة. وقد توسّع بعض الدارسين العرب من بعدهم وزادوا في تدقيق مواضع النبر. والنبر الكَلِمِي ينقسم إلى نوعين:
1 - نبرُ الشدّة: (word stress)
النبر هو ارتفاع الصوت أو قوة النَّفَس أو شدّة عند النطق بالمقطع المنبور: علوٌّ سمعيٌّ لمقطع على غيره من المقاطع. (النبر الزفيري أونبر التوتّر أوالنبر الديناميكي). وهو النوع الذي اعتنى به الصوتيّون العرب المعاصرون. ويرى بعض الباحثين أنّ هذا النوع من النبر يحدث في المقطع عموما وتحديدا في الحرف الصامت من المقطع وليس في كامل المقطع، ويمكن أن نذكر أهمّ المواضع التي يحدث فيها النبر:
آخر الكلمة:
·        المقطع القصير الأوّل من الكلمات ذات المقاطع القصيرة  (CV): كَــتَـبَ  / ضَــرَ بَـهُ
·        آخر مقطع منفتح طويل: (CVV) مَـعَـنَـا / مقـاتـلـونَ
·        المقطع المنغلق الطويل: (cvvc)  (مَنْ ضَارَّ أَضَرَّ اللَّهُ بِهِ وَمَنْ شَاقَّ شَاقَّ اللَّهُ عَلَيْهِ) ضَـــارْ رَ / شَــاقْــقَ
·        المقطع الطويل الوقفي:(cvcc ) قَــتَــلْـتْ / سَــمِـعْـتْ
2 - نبرُ الطول:
 إطالة زمن النطق بالصوت، ويسمي باحثون آخرون هذا النوع من النبر (نبر الزمن) و(النبر الزمني)، و(نبر المدة)، و(النبر المدي) و(النبر الطولي). نجد ذلك مثلا في فواتح السور: ألم / حم  أو في نطق المقطع المنغلق الطويل (آمينْ/ رحيمْ)


هناك تعليقان (2):

  1. السلام شكرا على المعلومات القيمة وأردت من فضلك أن أستفسر عن مسألة في العنصر الكبيرة 2 درجة الانفتاح في تعريف الحروف الانحباسية قلت انها (ب،ت،د،ك،ق،ء)وقلت أنه يمكن جمعها في الجملة التالية (دأبك تكبت قطا حبسا )مع أنك لم تذكر قبل الجملة حرفي (ح،س) أرجوا التوضيح مع الشكر ����

    ردحذف
  2. أرجوا الرد على تعليقي إن أمكن على الإمال الخاص supermamybasma@gmail.com مع الشكر

    ردحذف